ممثل الادعاء :
سيدي القاضي..حضرات المستشارين .. إن المتهمة الماثلة أمامكم لم تترك جنحة أو
جناية إلا وخلدت بصماتها فيها ، لم يسلم منها أحد ..امتدت يداها لتعبث بكل الأزمنة
سرقت مفاتيح الأنفس كلها..إنها تعيش في كل العصور ومتهمة في كل دقيقة بإحداث
بلبلة وتفجير قنابل إنسانية مدوية مذابحها متوغلة وشرورها تعدت الحدود..هي سيدة
الذبحات الصدرية والسكتات القلبية إنها شاشة سوداء تسكن العقول .
سيدي القاضي : إنني أطالب بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمة ، وأطالب العدالة
بأن تمحي ظلالها الملوثة من الوجود .
أعضاء طاقم الدفاع :
سيدي القاضي ..حضرات المستشارين ..إنني ومن منطلق دوري الذي جئت إليه يستوجب علي أن
أفترش أمامكم أدلة برائتها..لكنني قبل ذلك استسمحكم في أن أخرج قليلاً عن ثوب المحاماة لأرتدي
زي هؤلاء الشهود.نعم أنا شاهد أيضاً على هذه الجرائم..لكنني وبكل صدق أدافع عن المتهمه .
سيدي نحن أقوام خلقنا نعشق هواية جلد الذات..ونعشق لصق أحزاننا بالآخرين..إن هذه المتهمة
الماثلة أمامكم مارست إجرامها برخصة من كل ضحاياها وبتصريح موثق منهم لتدمرهم رويدا ً رويدا !
سيدي القاضي..إن العدالة تقسم إلى قسمين : العدالة الوضعية ، تلك التي تتجاهل النوايا ولا تحاسب
إلا على السلوك أو النوايا المترجمة إلى سلوك ، والعدالة الإلهية التي تقدس النوايا وتحاسب عليها
في المقام الأول وترتب عليها كل أشكال السلوك..إن المتهمة قابعة الآن أمام عدالة وضعية لا ترى سوى
ما يحدث أمامها ولا تؤمن بالخفايا وما وراء الضباب ..لذلك أنا أطالبكم بأن تغلقوا أعينكم قليلاً عن
الواقع وتبحثوا عن المتهمة بين جدرانكم..كيف تم استدعائها لتمارس جرائمها؟ ومن سمح لها بأن
تحتل هذه المساحة الإجرامية؟ ألسنا نحن ؟ من أعطاها كل هذه الحرية في نصب مشانقها بين ضلوعكم؟
ألم تكن إرادتكم مسؤولة عن ذلك؟ هي ليست سوى حقيقة فرضها القدر علينا يوماً ، ونحن من كان
بأيدينا أن نشكل بها منحى حياتنا أو نتجاهلها..نحن من منحها أسلحة تدميرنا على طبق من ذهب..
لذلك ألتمس من سيادتكم أن تنظروا إليها بعين الإنسانية وأن تحاكموا من جعلها مذنبة خلف الأسوار .
القاضي
بعد سماع ممثل الادعاء وأقوال الشهود ومرافعة طاقم هيئة الدفاع حكمت المحكمة حضورياً
على المتهمة “ أوراق قديمة ” بالبراءة والسجن المؤبد والإعدام وسمحت لها بمزاولة
جرائمها كافة بدون حظر أو منع أو تقييد .. وعلى المتضرر اللجوء إلي نفسه ..
رفعت الجلسة .
طـبـعـي شـيـوخـي