هل التقاعد بداية أم نهاية ؟



بسم الله الرحمن الرحيم





حياتنا النفسية بعد التقاعد .





د. لطفي عبد العزيز الشربيني .









كلمة " التقاعد " .. أو " الإحالة إلى المعاش " .. لاشك أنها تثير في النفوس مشاعر نفسية سلبية غير مرغوبة .. فالتقاعد من العمل يمثل مشكلة نفسية حقيقية خصوصاً وانه يرتبط بمرحلة السن المتقدم ، ويعتبره الموظفون نهاية رديئة لرحلة العمل الحافلة .. ويرتبط في الأذهان بأن الشخص اصبح زائداً عن الحاجة ، وانه مقبل على مزيد من المتاعب بعد أن يصبح بلا عمل .



وهنا أقدم لك - عزيزي القارئ - رؤية نفسية لمسألة التقاعد من العمل وما يرتبط بهذه المرحلة من مشكلات .. وهموم .. وكذلك الفوائد والايجابيات التي لا يفكر بها أحد .. وكيف يمكن أن نعد أنفسنا لمواجهة مرحلة التقاعد .



فإذا كنت يا صديقي من المتقاعدين .. أو في طريقك إلى التقاعد ، أو تفكر حالياً في التقاعد .. فأقرأ سطور هذا الموضوع ..





مشكلة اسمها .. " التقاعد " :



يعتبر التقاعد من العمل إحدى مشكلات الحضارة الحديثة ، ويعني التقاعد أو الإحالة إلى المعاش التوقف عن العمل بالنسبة لمن يشغلون وظائف أو يقومون بأعمال رسمية عندما يبلغون سناً محددة ، وكان الإنسان قديماً يظل يعمل حتى يفقد قواه بفعل العجز أو المرض فلم يكن هناك وجود لمثل هذه المشكلة ، ومع ظهور المجتمعات الصناعية كان من الضروري تطبيق مبدأ التقاعد لكبار السن لتحقيق التوازن بين شباب العمال والموظفين وتجنب البطالة في الأجيال الأصغر سناً ، ويبدو ذلك أمر لا مفر منه رغم أنه لا يأتي على هوى الكبار الذين يرغمون على ترك عملهم في العادة وهم في قمة السلم الوظيفي فيتخلون عن مواقعهم الوظيفية مع ما يتضمنه ذلك من التخلي عن السلطة والنفوذ والوضع الاجتماعي .



وربما كان الإنسان القديم أوفر حظا في هذا الجانب .. فلم يكن هناك معاناة من النتائج النفسية الثقيلة لنظام التقاعد الحديث نسبيا .. وقد كان سن التقاعد قبل عام 1925 هو 70 سنة ، ولا يزال حتى الآن في النرويج 72 سنة ، وفي الدانمرك 67 سنة ، وفي أمريكا 65 سنة ، وفي بريطانيا 65 للرجال ، و60 سنة للسيدات ، وفي فرنسا ومصر والكويت 60 سنة ، ومهما كان العمر الذي تحدده السلطات للتقاعد فإن الذين يقومون بأعمال حرة لحساب أنفسهم مثل الأطباء والمحامين والكتاب والسياسيين والفنانين لا يمرون بتجربة التقاعد بل يمكنهم الاستمرار في العمل ما أمكن لهم ذلك دون التقيد بسن معينة يتقاعد بعدها .





خسائر .. وهموم .. في مرحلة التقاعد :



ن المشاعر النفسية السلبية التي ترتبط بالتقاعد مثل إحساس الشخص بأنه أصبح زائدا عن الحاجة وأن عليه أن يبقي في انتظار الموت تمثل المشكلة الحقيقية للتقاعد ، وهذا الجانب النفسي عادة ما يمثل أهم هموم المتقاعدين خصوصا في الأيام الأولي عقب ترك العمل حين يضطرون إلى تغيير نمط حياتهم بصورة كاملة .. وهذه الفترة تمثل مرحلة حرجة لكل المتقاعدين من وجهة النظر النفسية .



ولا يرحب الناس عادة بمرحلة التقاعد .. ولهم بعض الحق في ذلك .. حيث يعتبرها الكثيرون فترة خسارة حيث تتابع فيها أنواع مختلفة من الخسائر يترتب بعضها على البعض الآخر ، فالخسارة المادية تحدث نتيجة لنقص الدخل الذي يحصل عليه المتقاعد مقارنة بدخله أيام العمل ، ويترتب على ترك العمل أيضا أن يخسر الشخص النفوذ الذي كان يستمده من وظيفته ومنصبه ، فبعد أن كان صاحب هيبة لدى مرؤوسيه لم يعد هنا من يعبأ به ، وهناك الخسائر الصحية التي تتمثل في ظهور أعراض تقدم السن والشيخوخة تباعاً مع الوقت ، وتؤدى الإصابة بأي عجز نتيجة للأمراض خسارة لقدرة الشخص على الحياة المستقلة دون الاعتماد على الآخرين ...



فالشخص الذي تعود على الاستيقاظ المبكر والذهاب إلى العمل والعودة منه في أوقات محددة على مدى سنوات ، وتكوين علاقات متنوعة مع زملاء العمل يواجه صعوبات هائلة للتعود على وضعه الجديد حين يضطر للبقاء بالمنزل ، وقد لا يكون وجوده بالمنزل مدعاة لسرور أسرته فيشعر بأنه غريب في بيته ، وإذا كان البديل هو مغادرة المنزل فأين يذهب ؟ .. ربما إلى أحد المقاهي أو للتجول بدون هدف .. إن ذلك لا يمكنه عادة من التغلب على الفراغ القاتل .. ويمر الوقت بطيئاً في معاناة قاتلة .. وحسرة على أيام العمل.



هل هناك فوائد للتقاعد ؟



هناك برامج تم إعدادها لتقديم المعلومات والإرشادات لمساعدة المتقاعدين على التأقلم مع مرحلة التقاعد قبل أن ينتقلوا إليها بوقت مناسب ، وتتضمن هذه البرامج تقديم معلومات عن الجوانب الإيجابية للاحتفاظ بصحة بدنية ونفسية مع تقدم السن مثل العناية بالغذاء ، الاهتمام بالرياضة ، والوقاية من المشكلات الصحية المتوقعة في هذه المرحلة من العمر حتى يمكن الاستمتاع بمرحلة التقاعد أو تجنب الخسائر والحصول على بعض الفوائد خلال هذه المرحلة.



ونظراً لأن الكثير من المتقاعدين يشعرون بأن التقاعد يمثل لهم ما يشبه الوصمة ، حيث يبدي بعضهم حساسية وشعوراً بالاستياء لمجرد تسمية " المتقاعد " أو وصف " الإحالة للمعاش " لذا يطلقون على كل من يصل إلى هذه المرحلة في أمريكا لقب " المواطن الأول " (Senior Citizen ) كنوع من التقدير والترضية النفسية !! .





وإلى هنا .. تبدو الصورة مظلمة وسلبية غير أن هناك جوانب ايجابية في مسألة التقاعد لا يفكر بها أحد .. أن فترة التقاعد قد تطول لتصل إلى ربع أو ربما ثلث مجموع سنوات الحياة ، ولذلك يجب التفكير في الاستمتاع بهذه المرحلة من العمر ، والهروب من مسئوليات وأعباء العمل شيء إيجابي رغم أن كل المتقاعدين تقريباً لا يذكرون إطلاقا مشكلات العمل ومساوئ الالتزام بمواعيده وأعبائه ، ويفكرون فقط في الأشياء الجيدة والممتعة أيام العمل ، ويتحسرون على تلك الأيام ، ويتمنون أن تعود ، وقد يكون التقاعد فرصة مناسبة لإعادة تنظيم الكثير من أمور الحياة ، والقيام بأعمال أو ممارسة هوايات لم تسمح بها الارتباطات السابقة أيام العمل لكن الوقت والظروف تسمح بذلك بعد التقاعد.



تفاؤل وأمل .. بعد التقاعد :



من الناحية النفسية .. فإن الحياة المستقلة في هذه المرحلة أفضل من التفكير في الانتقال للإقامة مع الأبناء والأقارب دون مبرر قوى حتى لا يصبح الشخص عبئا ثقيلاً على الآخرين ، كما أن اختيار المكان الذي يقيم فيه الشخص عقب التقاعد قد يساعد على التأقلم فالبعض يفضل الانتقال إلى مكان جديد بعد أن كانت إقامته ترتبط بمكان عمله غير أن الأفضل بصفة عامة هو بقاء الإنسان في المسكن الذي تعود عليه والمنطقة التي أقام بها ويعرفه الناس من حوله ، ومن الأمور الهامة التي نُذكر بها كل من وصل إلى هذه المرحلة هي ضرورة الابتعاد تماما عن العادات الضارة بالصحة مثل تعاطي المواد الضارة أو التدخين لأن ذلك يؤدى إلى عواقب سيئة ، وإذا كان هناك بعض العذر في ذلك للمراهقين والشباب فإن كبار السن لا يجب أن يسهموا عن طريق استخدام هذه الأشياء في تدمير ما تبقي من الصحة وقد لا يسمح الوقت بتصحيح ما يرتكبه المرء من أخطاء في هذه المرحلة التي تتطلب الاعتدال في كل شيء للمحافظة على الاتزان البدني والنفسي.



ورغم أن نسبة لا بأس بها من المتقاعدين يمكنهم التأقلم بسرعة مع الوضع الجديد بعد التقاعد إلا أن بعضهم لا يمكنه ذلك ، وقد رأينا نماذج لمن يواصلون الذهاب إلى عملهم كما تعودوا من قبل خلال الأيام الأولي للتقاعد وكأنهم يرفضون أن يصدقوا أنهم قد توقفوا عن العمل ، لذلك فإن الحل هو التفكير في محاولة القيام بعمل يشبه العمل الرسمي الذي كان يمارسه الشخص ليقوم به بعد التقاعد ، فإن لم يتيسر فيمكن التفكير في مجال جديد وتعلم أي مهارة أو هواية مناسبة بصبر ومحاولة الاستمتاع بها في مرحلة التقاعد ، ولا داعي لليأس فالوقت لا يزال مناسباً لذلك ولم يفت الأوان .



وهناك تساؤل آخر وأخير نطرحه في نهاية هذا الموضوع .. هل التقاعد نهاية أم بداية ؟! .. إن الإجابة على هذا التساؤل تظل مفتوحة للنقاش .. فكلا الاحتمالين ممكن .. ومهما كانت السن التي تحددها السلطات للتقاعد عن العمل فإنني - من وجهة النظر النفسية - أرى أنه يمكن أن يكون بداية مرحلة جيدة في حياة الإنسان ، أو على الأقل ليست على درجة كبيرة من السوء كما يعتقد بعض المتقاعدين أو من في طريقهم إلى التقاعد .. وأقول لهم من موقعي كطبيب نفسي إن الحياة يمكن أن تبدأ بعد سن التقاعد .. أي بعد سن الستين أو السبعين ، وبوسع أي واحد منا أن يعيش بقلب شاب حتى آخر العمر إذا احتفظ بالأمل والتفاؤل وحب الحياة وهذا هو سر الشباب الدائم .





 

suri

مشرف عام
اشكرك اختي ام محمد على الطرح



التقاعد من العمل كان وفق رغبة الشخص او اكمل السن القانونيه للتقاعد نقدر نقول انه انفكاك من المسووليه والحماله مثل ما نقول في صور ...كان بالامس مقيداً في تحركاته دخوله وخروجه وبعض الاحيان حتى في تفكيره ومشاعره واصبح اليوم حراً طليقاً يفعل ما يحلو له...لكن هناك نوعان من الناس نوع تقاعد للراحه ونوع اخر تقاعد لايجاد فرصه اخرى او بالفعل وجدها ولم يجد الوقت لاستثمارها وتنميتها...اما انا بخوض في النوع الثاني لانه النوع الاول له طريقين يا انه يتفرغ لاهل بيته ويسعدهم او العكس وهذا ما هو حاصل عند بعض الشياب اليوم اذا ما راح المطعم وشاف رباعته يرجع البيت متكدر ويضيق باهله او تلاقيه ادمن سيجائر وتلفزيون وجلسه بالبيت. وهذه يمكن نقول عنها بداية النهايه لهذه النوعيه من الناس..النوع الثاني راعي الفرصه اللي يبا الوقت عشان يتفرغ لتجارته واستثماراته نجد هذا الشخص استثمر ذاته جيداً في العمل وكون قاعده قوية توهله لادارة اعماله الخاصه وكان في ما مضى ينمي مهاراته ومواهبه وميوله واستفاد من فرصته كونه موظف في اي جهة كانت...هذا ما اسميه البداية لهذا الشخص...احيي هذه النوعيه من الناس ورايت منهم الكثيريين من كانت رواتبهم تصل لالاف الريالات ولكنه اثر التقاعد المبكر لبدايه جديده في حياته...صح يمكن مب نفس المدخول في الوظيفه ولا نفس المميزات او الضمان الصحي لكن يجد راحته النفسيه في ادارة اعماله الخاصه...



تقبلي مروري اختي ام عبدالله...
 

الذووووق

مشرف عام
أحسنتي أختي أم عبدالله


ودائماً مواضيعكِ مثرية


بعدنا ما وصلنا لهذه المرحلة لكن عن قريب إن شاء الله


التقاعد هل هو نهاية أم بداية


أعتقد نفس الشيء فصعب على الإنسان أن يترك شي تعود عليه سنوات كثيرة من العمل

سوى كان حكومي أو تجاري أن يتركه أو يترك بعض منه .

كثير من الناس تقاعدت عن العمل الحكومي وأنشئت شركات ربما فيها التعب والإرهاق أكثر

من العمل الحكومي .

وجهة نظر شخصية
 

الشيخ

مشرف عام
لكل شخص تفكيره بالنسبه للتقاعد



ولكن هناك من ينتظر التقاعد بفارغ الصبر ليبدا المرحله المقبله من حياته و تكمله سلسله النجاحات التي بداها و لكن هذه المرحله دائما ما يسبقها عمل كبير ..



التقاعد يمثل وصمه للاغلبيه لانهم لم يحسنو التصرف و الاستعداد لهذ التقاعد لذا هم يعانون ..وهذه النعاناه تشكل قلق لهم و ربما تؤثر على حياتهم بشكل كبير و تخلق الفراق القاتل و المدمر لهم اذا لم يتم احتؤاهم ..



اتمنى ان يكون التقاعد بالنسبه لي فتره من المتعه بما تحقق سلفا ..



تمنياتي لكم بتقاعد مريح ..
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباحكم ورد وياسمين وفل مغلف بشوية حزن هل التقاعد نهاية أم بداية لحياة جديدة؟ طبعا بداية حياة جديده ولكن تختلف من شخص لأخر فهناك من يعتبرها بدايه وهناك من يعتبرها نهايه ما هي نظرتكم للمتقاعد؟ المتقاعد هو من يصنع نظرة الناس له هناك من ترى في وجهه الامل وهناك من ترى انه ينتظر الموت وان دوره في الحياه انتهى وتصبح حياته كئيبه بدون معنى هل فعلاً هو زائد عن الحاجة وعالة على المجتمع وهو الذي ساهم في نهضة هذا المجتمع؟ لن ولم يكن يوما عاله على المجتمع أو زائد عن الحاجه فهواساسه واول من بنى لبناته فكيف يصبح عاااله كيف يمكن الاستفادة من طاقاته وخبراته الثرية؟ يختلف هذا الشئ من شخص لأخر فهناك من يتشجع وهناااك من يعتبر التقاعد أخر المطاااف ولكن لو تضع لهم الدوله مراكز لقضاء أوقات فراغهم في اهتماماتهم وهواياتهم المفضله أخت محمد مميزه بكل ما تطرحين ننتظر جديدك المميز تحيتي
 
التقاعد ليس نهاية طريقة الأجتهاد والمثابرة

ولكن بداية لمشوار ما بعد الخدمة والعطاء لخدمة الوطن

التقاعد فترة من الراحة يتخلله فترة طويلة من الاستثمار الجيد للوقت



موضوع راق لى فما اجمل مواضيعك أختى الفاضلة



مودتي ،،





غصــــه



 
السلام عليكم ايها الاخوة الكرام

نال مروركم وتواجدكم في الموضوع شرفي

اجزيتم الكثير من الخير

بعض النهاية هو بداية لحياة اجمل تتزن فيها الامور والقرارات

والتقاعد حياة جديده اساسها اقوى من السابق

لكموا التحايا
 
لازم نفكر قبل التقاعد شو هدفنا من الوظيفة غير المادة



لازم نحط في بالنا اشياء نقدر نحققها ونحن على راس عملنا مثلا اذا الشخص ماعنده بيت مستقل لازم يخطط يشتري بيت



او اذا ما عندك دخل اخر غير الوظيفة لازم تفكر بعمل اضافي من هوايتك وهكذا .....



التقاعد مب بداية او نهاية هو استمرارية في الحياة لان الانسان حتى لو تقاعد عن العمل مستمر في الحياة
 
أعلى