من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم.......صبره

تعرض نبينا عليه الصلاة والسلام لأنواع كثيرة من الابتلاءات، وعاش صابراً محتسباً صلى الله عليه وسلم، فقد صبر على قلة ذات اليد، وشظف العيش، حتى كانت تمرُّ عليه وعلى أهله ثلاثة أهلة وما يوقد في بيوته صلى الله عليه وسلم نار.





صبر عليه الصلاة والسلام على خشونة العيش، وشدة الجوع، فربط على بطنه حجرين، وكان صوته يضعف من شدة جوعه، ويشهد لذلك ما جاء في قصة أبي طلحة مع أم سليم وقوله لها: "لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟" قالت: "نعم"، ثم أخرجت أقراصاً من شعير ثم أدخلتها في خمار لها، ثم أرسلت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.



ينام صلى الله عليه وسلم على الحصير حتى أثَّر في جنبه، فيراه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على تلك الحال فيبكي! فيقول له صلى الله عليه وسلم: ((ما يبكيك يا ابن الخطاب؟)) فيقول: يا نبي الله ومالي لا أبكي وهذا الحصير قد أثَّر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى! وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته! وهذه خزانتك؟، فيحلق صلى الله عليه وسلم في معاني الإيمان والأمل بما عند الله والدار الآخرة قائلاً: ((يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة، ولهم الدنيا!)).



ولم يكن صبر النبي صلى الله عليه وسلم مقتصراً على الأذى والابتلاء والكرب، بل شمل صبره الصبر على طاعة الله سبحانه وتعالى حين أمره ربّه بذلك فقال: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وقال: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا، فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد في العبادة والطاعة حتى تتفطّر قدماه من طول القيام، ولا ينفك عن القيام بطاعة أو قربة لله عز وجل، شعاره في ذلك كله: ((أفلا أكون عبداً شكوراً؟)).

لقد كانت وقائع سيرته صلى الله عليه وسلم مدرسة للصابرين، يستلهمون منها حلاوة الصبر، وبرد اليقين، ولذة الابتلاء في سبيل رب العالمين



==================

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لقد أُخِفت في الله وما يُخاف أحد، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد))، ومع ذلك يصبر عليه الصلاة والسلام.



ولم يكن صبره مقتصراً على أذى الكفار القولي فحسب؛ بل تعدى إلى الصبر على الأذى الحسي أيضاً، فبينما هو يصلي عند البيت، وزمرة من الكفار على رأسهم أبو جهل جلوس، إذ قام أشقى القوم "عقبة بن أبي معيط" فأخذ سلا جزور قد نحرت من اليوم الأول، فوضعه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فضحك القوم حتى مال بعضهم على بعض، واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم في سجوده وصبره، حتى جاءت ابنته فاطمة رضي الله عنها وأزالت الأذى عنه عليه الصلاة والسلام.



ومن الأذى أيضاً ما فعله عقبة بن أبي معيط - عليه لعائن الله - حين أراد تصفية النبي صلى الله وعليه وسلم بخنقه وقتله، وما دفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر رضي الله عنه؛ قائلاً: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ، كل هذا والنبي صلى الله عليه وسلم صابر محتسب.



وما بدر وأحد، والأحزاب وتبوك، وحنين وغيرها من غزواته وسراياه؛ إلا صفحات مضيئة من صبره وجهاده صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يكن يخرج من غزوة إلا ويدخل في أخرى، ويصبر على كل ما يحدث له في تلك الغزوات، ففي أحد كُسرت رباعيته، وشُجَّ رأسه، وسال الدم عن وجهه عليه الصلاة والسلام، فجعل يمسح الدم عنه، ويقول: ((كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، وكسروا رَبَاعِيَتَه، وهو يدعوهم إلى الله؟!))



وثمة موقف أشد من ذلك كله، إنه ذلك الموقف الرهيب الذي لقيه عليه الصلاة والسلام يوم العقبة؛ حين خرج إلى الطائف يدعو أهلها إلى الله، وترك عبادة ما سواه، فآذوه، وألَّبوا عليه صبيانهم وسفهاءهم، وتسأل عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: "هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟" قال: ((لقد لقيتُ من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب!!)) يا لله ما هذا الموقف الرهيب، والحدث المؤلم الذي جعله صلى الله عليه وسلم يهيم ويسرح بتفكيره حتى لم يشعر بنفسه إلا بعد عشرات الأميال!.

ومع كل ما سبق من صنوف الأذى الذي تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف؛ إلا أنه لما أتاه ملك الجبال يستأذنه في أن يطبق على المكذبين به الأخشبين (جبلان بمكة) قال عليه الصلاة والسلام: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً))



====================



تتعدد صنوف الأذى للإنسان في حياته، فتارة يتعرض لأذىً نفسي، وتارة لأذىً جسدي، وهكذا تختلف وتتنوع صنوف الأذى، وعند التعرض لسيرة قدوتنا عليه الصلاة والسلام نراه قد تعرض لجميع صنوف الأذى، فقد اتهمه المنافقون الأفاكون في عرضه وأحب نسائه إليه الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها فصبر واحتسب، حتى أنزل الله تبارك وتعالى في براءتها آيات تتلى إلى يوم القيامة.



واتهمه الكفار بأنه شاعر، وساحر، ومجنون، وما أشبه ذلك مما بينه القرآن الكريم؛ فصبر عليه الصلاة والسلام.



تكلم فيه بعض جهلة الأعراب، واتهموه زوراً وبهتاناً بالحيف والجور، وعدم العدل في القسمة؛ فصبر صلى الله عليه وسلم، ولم يزد على أن رد تلك الاتهامات بقوله: ((فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله، رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر)).



يُقتل بعض قرابته كجعفر ابن عمه، وعمه حمزة؛ فيصبر عليه الصلاة والسلام.



يُعذَّب من أصحابه عمار وأمه ووالده ياسر عذاباً شديداً - لا لشيء سوى أنهم اتبعوا الحق الذي معه -، حين كان الكفار يخرجونهم إلى الأبطح في حر الرمضاء، ويعذبونهم بحرّها، فيمر بهم صلّى اللّه عليه وسلّم وهم يعذبون فيصبر، ويصبِّرهم ويقول: ((صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنّة)).



يشرد أصحابه، ويعذبون على مرأى ومسمع، حتى يأتي خباب بن الأرت رضي الله عنه يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنصر لهم، ويدعو على الكفار؛ فيصبر صلى الله عليه وسلم، ويحثُّ أصحابه على ذلك، ويضرب لهم الأمثلة في شدة العذاب الذي لاقاه اتباع الأنبياء من قبل، ويقسم صلى الله عليه وسلم لهم بأن الله تبارك وتعالى سيظهر هذا الدين، وأنه سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، ويُبِرُّ الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم قسمه، ويظهر دينه على الدين كله ولو كره الكافرون.

ويجاهد في سبيل الله فيصبر على ما يصيبه وأصحابه وأتباعه من كربات، فقد قتل يوم أحد سبعون من أصحابه منهم عمه حمزة وصاحبه وسفيره مصعب بن عمير، ويَغدر الكفار برسله القراء وطلابه النجباء البالغ عددهم سبعون فيقتلون في وقعة واحدة؛ فيصبر عليه الصلاة والسلام.



===================



الحديث عن صبره عليه الصلاة والسلام هو حديث في الحقيقة عن حياته كلها، وعن سيرته بجميع تفاصيلها وأحداثها، فحياته صلى الله عليه وسلم كلها صبر ومصابرة، وجهاد ومجاهدة من صباه وطفولته إلى حين لحاقه بالرفيق الأعلى.



فلقد كان الصبر حليفه وصاحبه، وشعاره ودثاره حتى أصبح صلى الله عليه وسلم مضرب المثل في عظيم الصبر، وثبات القلب، وسعة الصدر؛ وكان بحق إمام الصابرين، ومن يقرأ في صبره صلى الله عليه وسلم، ويتأمل في ذلك؛ يصاب بالذهول وهو يقرأ تلك الأمثلة التي لم ولن نجد لها في التاريخ مثيلاً.



فلقد عاش صلى الله عليه وسلم منذ صغره يتيماً؛ لا أب يحميه، ولا أم ترعاه، ومع ذلك صبر.

يموت ستة من أولاده في حياته صلى الله عليه وسلم فيصبر ويحتسب، ويقول يوم موت ولده إبراهيم قولته المشهورة: ((إنّ العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلّا ما يرضى ربّنا، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)).



يموت ابن لإحدى بناته فترسل إليه رسولاً تطلب منه الزيارة، والمجيء إلى بيتها؛ فيعتذر عن المجيء أولاً، ويقرؤها السلام، ويحثها على الصبر فيقول: ((إنّ للّه ما أخذ، وله ما أعطى، وكلٌّ عنده بأجل مسمّى، فلتصبر ولتحتسب))، فلما أرسلت إليه مرة ثانية تقسم عليه أن يأتيها؛ لبى طلبها، وأتى إلى بيتها.



يفقد صلى الله عليه وسلم نصيره الحامي له من أذى الكفار عمه أبا طالب، حتى ينال منه الكفار بعد ذلك ما ينالون، فيصبر، وتموت زوجته خديجة رضي الله عنها سنده ونصيره ومعينه الداخلي، من كانت تهدئ من روعه، وتثبته، وتؤانسه، فيصبر عليه الصلاة والسلام على كل ما لاقاه في حياته من منغصات ومكدرات.



هذه دعوة للتحلي بهذا الخلق العظيم، تأسياً بهذا النبي العظيم صلى الله عليه وسلم



 

الذووووق

مشرف عام
احسنتي اختي الكريمه على هالموضوع الجميل



نقل طيب واتمنى الاستفاده منه



يقول الله تبارك وتعالى :



{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}
 
أعلى