بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أن القلة القليلة من الناس هم الذين يعرفون عقيدة الولاء والبراء لهذا رأيتُ أن أعطيك خلاصة هذه العقيدة قبل الدخول معك في صلب الموضوع؛ لتكون على بينة من أمرك والله يحفظك ويرعاك. أخي, اعلم – علمني الله وإياك – أن عقيدة الولاء والبراء أصل من أصول الدين ومعرفة هذا الأصل الأصيل أمرٌ ضروريٌّ لكلِّ مسلم ليكون ولاؤه وبراؤه بحسبها, إذ أن من المحال أن تكون هناك عقيدةٌ سليمةٌ بدون تحقيق الموالاة والمعاداة الشرعية, وإن كان هذا المفهوم العقديُّ الهامُّ قد غاب من واقع حياة الناس فإن ذلك لا يغير من الحقيقة الناصعةِ شيئاً. ويقسِّم أهل السنة والجماعة الناس بحسبِ الولاء والبراء إلى ثلاثة أصناف: الأول: من يُحبُّ جملةً: وهو من آمن بالله ورسوله, وقام بوظائف الإسلام ومبانيه العظام علماً وعملاً واعتقاداًَ. الثاني: من يُحبُّ من وجه ويُبغضُ من وجه آخر: وهو المسلم الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً فيحب ويوالي على قدر ما معه من الخير, ويبغض ويعادي على قدر ما معه من الشر. الثالث: من يبغض جملةً: وهو من كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. [1] وأهل السنة يَتبرَّءون ممن حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريبٍ قال الله – سبحانه وتعالى -: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) سورة المجادلة, الآية: 22. والمؤمن الحق يجعل حُبَّه لله وبُغضَهُ لله فإن ذلك أوثقُ عرى الإيمان, فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله وبعد هذا التعريف الموجز لقضية من أخطر قضايا العقيدة, أقول: إن هذه القضية غير واضحةٍ في دعوة الإخوان وإليك البيان: نقل محمود عبد الحليم – وهو من أعمدتهم – ما سمعه بنفسه من محاضرة الشيخ حسن البنا : قوله: "فأقرر إن خصومتنا لليهود ليست دينية؛ لأن القرآن حضَّ على مصافاتهم ومصادقتهم, والإسلامُ شريعةٌ إنسانيةٌ قبل أن يكون شريعةً قوميةً, وقد أثنى عليهم وجعل بيننا وبينهم اتفاقاً (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) سورة العنكبوت, الآية: 46. وحينما أراد القرآن الكريم أن يتناول مسألة اليهود تناولها من الوجهةِ الاقتصادية! والقانونية!! " [2]. والجواب عليه: سئل الإمام عبد العزيز بن باز : فيمن يقول: "إن خصومتنا مع اليهود ليست دينية وقد حث القرآن على مصافاتهم ومصادقتهم". فقال :: "هذه مقالة خبيثة, اليهود من أعدى الناس للمؤمنين هم أشد الناس عداوة للمؤمنين من الكفار كما قال الله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ) سورة المائدة, الآية: 82. , فاليهود والوثنيون هم أشد الناس عداوة للمؤمنين وهذه المقالة مقالة خاطئة ظالمة قبيحة منكرة" [3]. وسُئل العلامة صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء حفظه الله: ما تقول فيمن يقول: "إن خصومتنا لليهود ليست دينية لأن القرآن الكريم حض على مصافاتهم ومصادقتهم؟". فقال – حفظه الله -: "هذا الكلام فيه خلط وتضليل, اليهود كفار وقد كفرهم الله – تعالى – ولعنهم قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ) سورة المائدة, الآية: 78. وقال عليه الصلاة والسلام: " لعنة الله على اليهود والنصارى " البخاري (425) ومسلم (531 . فعداوتنا لهم دينية, ولا يجوز لنا مصادقتهم, ولا محابتهم لأن القرآن الكريم نهانا عن ذلك[4]. وفي تاريخ 5/9/1948 م بمدينة الإسماعيلية احتفل الإخوان المسلمون بمرور عشرين عاماً على إنشاء الجماعة, وفي هذا الحفل خطب الشيخ البنا : خطبةً قال فيها: "وليست حركة الإخوان موجَّهة ضد عقيدة من العقائد أو دين أو طائفة من الطوائف, إذ أن الشعور الذي يهيمن على القائمين بِها أن القواعد الأساسيَّة للرسالات جميعاً قد أصبحت مهددة الآن بالإلحادية وعلى الرجال المؤمنين بِهذه الأديان أن يتكاتفوا ويوجِّهوا جهودهم إلى إنقاذ الإنسانية من هذا الخطر, ولا يكره الإخوان المسلمون الأجانب النُّزلاء في البلاد الإسلامية ولا يضمرون لهم سوءاً, حتى اليهود المواطنين لم يكن بيننا وبينهم إلا العلائق الطيبة" [5]. فانظر أخي إلى قوله :: "إن الإخوان لا يكرهون أحداً وحتى اليهود" فأين البغض في الله الذي يجب ألَّا يخلو منه قلب مسلم؟ وإذا لم نبغض اليهود فمن نبغض إذاً؟! وقال الإخوان المسلمون في بيان لهم مؤرخ في 30 ذي القعدة 1415هـ "وموقفنا من إخواننا المسيحيين في مصر والعالم العربي موقف واضح وقديم ومعروف لهم ما لنا وعليهم ما علينا وهم شركاء في الوطن, وأخوةٌ في الكفاح الوطني الطويل لهم كل حقوق المواطن المادي منها والمعنوي, المدني منها والسياسي, ومن قال غير ذلك فنحن براء منه ومما يقول ويفعل" [6] . والحاصل – أخي – أن الولاء والبراء صار واضحاً عند أفراد هذه الجماعة, وكذلك ترك الغيرة على العقيدة والتحمس صار واضحاً لا شك فيه, بحيث يتم تقريب من كان في صفِّ الجماعة ولو كان فاسد العقيدة, ويتم إبعاد من كان خارج صفوفهم, ولو كان من أشدِّ أنصار عقيدة السلف, والدليل قول جاسم بن مهلل الياسين وهو من شيوخ جماعة الإخوان: "بل دعوة الإخوان ترفض أن يكون في صفوفها أي شخص ينفر من التقيّد بخططهم ونظامهم, ولو كان أروع الدعاة فهماً للإسلام وعقيدته, وأكثرهم قراءة للكتب ومن أشد المسلمين حماسة وأخشعهم للصلاة" [7] رحم الله شيخ الإسلام حيثُ قال عن العلماء المربين: "وليس لأحد منهم أن يأخذ على أحد عهداً بموافقته في كل ما يريده, وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه, بل هذا من جنس فعل جنكيز خان وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقاً والياً, ومن خالفهم عدوّا بغيضاً". وقال أيضاً: "والواجب عليهم أن يكونوا يداً واحدة مع المحق على المبطل, فيكون المعظَّمُ عندهم من عظَّمه الله ورسوله والمقدم عندهم من قدَّمه الله ورسوله" [8]. [1] الولاء والبراء في الإسلام من مفاهيم عقيدة السلف للقحطاني (ص 135-136). [2] "أحداث صنعت التاريخ" لعبد الحليم محمود (1/409-410). [3] انظر "كتاب العواصم والأجوبة السلفية" (ص 48) و"الردود الجلية" لليافعي. [4] انظر "الأجوبة المفيدة" (ص 38-40) للشيخ الفوزان جمع الحارثي. [5] "قافلة الإخوان" للسيسي. وهو من أعمدتهم (1/211). [6] انظر مجلة المجتمع العدد (1149). [7] "للدعاة فقط" (ص 122) لجاسم المهلل, وهذا الكتاب رد عليه أحمد العجمي بما لا مزيد عليه. [8] "الفتاوى" الجزء الثامن. المصدر : رِسَالة أخويَّة لماذَا تركتُ دعْوَة الْإخوَان المُسْلِمينَ وَاتبعْت المنهَج السَّلفِيّ ...لفيصَل بن عبدة قائِد الحاشِديّ يتبع للأهمية |
- - - تم التحديث - - -
ربما يسأل البعض لماذا لم أذكر حسنات الإخوان جارياً على القاعدة المشهورة (الموازنة بين الحسنات والسيئات)؟! فأقول لك هذا أمر لم يكن عليه سلف الأمة وعلماؤها الذين وقفوا أمام أهل البدع والأهواء وبينوا حالهم للمسلمين، فكم من الرجال قال فيهم علماء السلف: فلان حديثه ليس بشيء، وفلان لا نأخذ عنه وفلان ضعيف؛ لأن الغرض هو التحذير . وهذه القاعدة التي قعَّدها الحزبيون لتكون بديلاً للقاعدة التي كشف عوراها أهل العلم وهي: (نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) وقد أنكرها جمع من أهل العلم في عصرنا كالشيخ ابن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ الوادعي – رحمهم الله – وغيرهم. وقد سُئل العلامة ابن باز – :- : عن أناس يوجبون الموازنة أنك إذا انتقدت مبتدعاً ببدعة ليحذر الناس منه يجب أن تذكر حسناته حتى لا تظلمه؟ فأجاب – :-: قائلاً: (لا، ما هو بلازم ما هو بلازم، وهذا إذا قرأت كتب أهل السنة وجدت المراد التحذير، اقرأ في كتب البخاري "خلق أفعال العباد" في كتاب الأدب في الصحيح كتاب السنة لعبدالله بن أحمد، كتاب التوحيد لابن خزيمة، رد عثمان بن سعيد الدارمي على أهل البدع إلى غير ذلك يوردونه للتحذير من باطلهم ما هو المقصود تعديد محاسنهم، المقصود التحذير من باطلهم ومحاسنهم لا قيمة لها بالنسبة لمن كفر، إن كانت بدعته تكفره بطلت حسناته وإن كانت لا تكفره؛ فهو على خطر؛ فالمقصود هو بيان الأخطاء والأغلاط التي يجب الحذر منها) . وقال الشيخ الألباني –:- في رده على هذه القاعدة: (هذه طريقة المبتدعة حينما يتكلم العالم بالحديث في رجل صالح وعالم فقيه فيقول عنه سيء الحفظ هل يقول إنه مسلم وإنه صالح وإنه فقيه وإنه يرجع إليه استناط الأحكام الشرعية- إلى ذلك- من أين لهم أن الإنسان إذا جاءت مناسبة لبيان خطأ فيهم إن كان داعية أو غير داعية لازم ما يعمل محاضرة ويذكر محاسنه من أولها إلى آخرها الله أكبر شيء عجيب – وضحك الشيخ هنا تعجباً-) . وسُئل فضلية الشيخ ابن عثيمين – :- عن هذه القاعدة فقال: (إذا كان يريد أن يردَّ بدعته فلا وجه لكونه يذكر المحاسن في مقام الرد، يعني أن الرد يكون ضعيفاً وغير مقبول) . ومن أعلامهم المميزين يوسف القرضاوي الذي له مقطع ينعي فيه العالم بموت باب الفاتيكان http://www.4shared.com/file/47914240/e2f24c44/____.html يقول المرشد العام للجماعة غفر الله له "السنة و الشيعة أمة واحدة و يجمعهم قرآن واحد و من قال غير ذلك فهو جاهل http://www.archive.org/download/Ikhw.../wmv_512kb.mp4 يتبع للأهمية |